مراحل السلام السبع
خلال المباحثات السرية التي جرت في مدينة أوسلو بالنرويج خلال التسعينات أثبت كلا من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أنه باستطاعتهما أن يتعاملا كل مع الآخر مباشرة ودون تعقيدات 35. ولايزال هناك أشخاصا لدى كل جانب يتحلون بنفس تلك المزايا ويمكنهم لعب هذا الدور إذا أتيحت لهم الفرصة . هذا وقد يتطلب الأمر استشارة "محـام" من وقت لآخر . وعند كتابة تلك السطور الطرف الوحيد الذي يمكن لإسرائيل أن تثق به إلى حـد ما رغم ضعف موقفه تجاه اسرائيل فهو الولايات المتحدة. وحيث أن بريطانيا هي التي خلقت هذا الوضع في الأرض المقدسة من أوله ، فهي الأكثر دراية به كي توفر عند الضرورة ما قد يحتاجه الفلسطينيين من مشورة . وقد لعـبت تلك القـوتان ، أي الولايات المتحدة وبريطانيا ، أكبر دور في تلك القضية فضلا عــن تمتعـهما باحترام الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني وانتباههما . هذا ويجب الحرص بصورة خاصة عـلى أن لا يكون ممثلي الأمريكان والإنجليز هم نفس الأشخاص الذين لعـبوا هذا الدور إلى الآن وكأن هـدفهم كان الحـؤول دون أي اتفاق بين طرفي النـزاع سواء نتيجة سوء نية متعمدة أو نتيجة قلة درايتهما بثقافة وترات كلا من الإسرائيليين والفلسطينيين .
ولعـل أصعــب نقطة سوف تكون مسألة اختيار ممثلي الإسرائيليين والفلسطينيين الذين سيكونوا شركاء تلك البادرة . عـلما بأن المفاوضات وعـقد الإتفاقيات يجب أن يتم بين أناس غير متحيزين سياسيا قدر الإمكان . يجب اختيار هؤلاء الممثلين المفوضين بالصلاحيات اللازمة من بين أكثر الأشخاص احتراما بين مواطنيهم وأن يكونوا أصحاب كفاءة وكل منهم عـارف بشئوون شعـبه وشعــب نظيره كما يجب أن يكونوا مؤمنين بضرورة تسوية الخلاف بين الطرفين وقادرين عـلى التوصل إلى تسوية ملائمة .
أما الحكومات العربية غير القادرة عـلى حـل مشاكلها الداخلية التي خلقتها بنفسها في الأساس ، فيقتصر دورها في البداية عـلى تقديم مشورتها متى طلب منها ذلك ، غـير أنها لا تشارك لا في المفاوضات ولا في تطبيقها اللهم إذا كان الأمر يتناول مسائل ثنائية متعـلقة بالحدود . فمجرد إشراك الدول العربية في المفاوضات سوف يؤدي ذلك إلى الغـوص في بحـر لا قـرار له !
تشتمل عـملية التسوية الملائمة للجانبان الإسرائيلي والفلسطيني عـلى ســبع خطوات . بعـض تلك الخطوات يجب تنفيذها الواحدة بعـد الأخرى بهذا الترتيب ، والبعـض الآخر يمكن الشروع فيها بكيفية متزامنة حسب الحاجة والإمكانية .
سوف يسمح هذا الأسلوب التدريجي نحـو إيجاد تسوية ملائمة للطرفـين ، سوف يسمح للإسرائيليين بأن يخـفـفـوا من حـدة مخاوفهم من حيث التهديد لأمنهم ، كما أنه سيسمح للفلسطينيين بأن يعـيشوا دون أن ينظروا خلفهم طيلـة ساعـات الليـل والنهار خوفا من اعـتداء اسرائيلي من نـوع أو آخـر . كما أنه سوف يوفـر للطرفان فصلا فعليا بينهما مع إعـطائهما مجالا للتنـفـس لـفـترة من الـزمـن قـد تطـول أو تقـصر حسب الظـروف المحيطة بهما . أما بالنسبة لمرحلة السلام ، أي عندما يشرع الطرفان في المباحثات الثنائية المباشرة لإقرار السلام بينهما ، فقـد تتطلب عـدة سنوات ، وربما جـيل أو جـيليـن قبل أن تذكـر كلمة "سـلام" .
|
|