أما الشيء الوحيد الذي لم تكن الجريدة تنشره فهي الإعلانات التجارية على أشكالها كي لا تكون رهنا لإرادة أصحاب تلك الإعلانات ولكي تحافظ على استقلالها الفكري باستثناء عدد قليل جدا من الإعلانات وافق أبو الحسن على نشرها رغبة منه في مساندة المشاريع الوطنية مثل "شركة مصر للغزل والنسيج"٧ . ولذلك كانت موارد الجريدة المالية محدودة للغاية وتقتصرعلى ما يرسله مريدي الجريدة من اشتراكات ، وكم منهم من كان يتسلم الجريدة دون أن يدفع ما هو مستحق عليه !
|
طلعت حرب باشا
مؤسس مجموعة شركات بنك مصر عام ١٩٣١
|
سـرعان ما تنبه المستعمرون لهذه الصحيفة ، فحاربوها مباشرة أو عن طريق عملائهم مـن عـرب ومسلمين ونجحوا في تعطيلها ، وخاصة سـلطات الإنتداب البريطاني التي كثيرا ما كانت تمنع دخول الجريدة إلى فلسطين . غير أن أبو الحسن تغلّب بشتى الطرق على هذه المحاولات لمنع جـريدته من الظهور ومصادرة أعـدادها التي كانت توزّع في ذلك الوقت في مصر وغيرها من البلدان.
وقـد تحايــل أبو الحسن على سـلطات الرقابة البريطانية بعــدة وســائل ، فكان يُصدرالجريدة أحياناً بأسـماء أخرى منها "المنهـاج" و"الناس" . وأحيانا كان يُغلّف الجريـدة بصفحات من جرائد القاهرة الصادرة بلغات أجنبية مثل "The Egyptian Gazette" , و "Le Progrès Égyptien" أو غيرها من الجرائد غيـر العربية . كما كان يرسل الجريدة أحيانا عن طريق أصدقاء ومعارف وأقـارب ومريدين في أوروبا حيث يقومـون بتغـليـف نسخ الجريدة بجـرائد تلك البلدان ثم يرسلونها بدورهم بالبريد إلى مختلف بلدان العالم العربي والإسلامي المُستَعْمَرة .
أما العقبة الأخرى التي كانت تواجهها الصحافة الوطنية فكانت عملية استيراد ورق الطباعة التي كانت تحتكرها فئات معادية للخط الوطني المصري والعربي وبالذات فيما يتعلق بقضية فلسطين مثل مساندي الحركة الصهيونية . وهكذا تمكن أولئك من كم الأفواه في مصر وفلسطين عن طريق رفض بيع ورق الطباعة لمن لا يستسيغون سياستهم .
كما لجأ ذات مرة إلى طبع مغلفات صفراء مثل تلك التي تستعملها الحكومة البريطانية وطبع عليها عـبـارة "On His Majesty's Service" . حيث ضَمّنَ جريدته داخـل المغلفات وأودعها البريد . رغم تلك القيود وأحيانا المصادرات فقد قيل وقتها " أن الشمس لا تغرب عن شيئين: الإمْبراطورية البريطانية والجريدة التي يصدرها محمد علي الطاهر" .