ذكريات عصور غابرة: رئيس بلدية القدس حسين سليم الحسيني (ممسكا بعصاه وسيجارة) بصحبة مجموعة من المستقبلين حاملين علما أبيض يهمون تسليم رسالة استسلام من قبل عـزت بك متصرف القدس العثماني قرب الحدود الغربية للمدينة صباح يوم ٩ ديسمبر١٩١٦ إلى الرقيبين جيمس سيدجويك وفـريديريك هيوركومب من الكتيبة التاسعة عشرة البريطانية (وهما الرابع والسابع من جهة اليسار في الصورة). غير أن ما حدث كان مفاجئة بالنسبة للجندين البريطانيين حيث أنهما كانا في مهمة استطلاعية قبل وصول قوات الجنرال سير ادموند اللنبي ، كما رفض من تلاهم من قوات تسلم تلك الوثيقة .
وكان بصحبة رئيس البلدية عدد من المسؤولين ومنهم ابن أخيه توفيق صالح الحسيني ومفتشا الشرطة عبد القادر العلمي (يشاهد في أقصى يسار الصورة مرتديا زي التشريفة) وأحمد شرف (الثاني في الصورة من جهة اليمين) والشرطيان حسين العسلي وابراهيم الزعنون وفريق من الشبان منهم رشدي محمد المهتدي وجواد اسماعيل الحسيني وحنا اسكندر اللحام. وكان هذا الأخير حاملا العلم الأبيض علامة التسليم . هذا بالإضافة إلى مصور شاب اسمه لويس لارسن ، الذي عين فيما بعد قنصلا للسويد في القدس ، وكانت مهمته تسجيل تلك المناسبة بالصور. وقد بدى للوفد المقدسي وقتها أنه لا يوجد من يريد أن يقبل استسلامهم ، وذلك إلى أن وصل البريجادير سي إف واطسون قائد اللواء المائة والثمانون إلى المدينة ، فقبل الوثيقة وقام لارسون بأخذ صورللمناسبة .
وللقصة خلفيات أخرى ، فقبل أن يصل القائد العام الجنرال جون شي إلى بوابة المدينة عاقته الأوحال من التقدم ، فما وصلها إلا بعد أن غادرت الجماهير المحتشدة المكان . ولما عرف الجنرال ِشـي بأن لارسون كان قد سجل لحظة محاولة الإستسلام الأولى وليس عندما وقف على سلالم قلعة القدس عند باب الخليل حيث أعلن الأحكام العرفية، طلب من لارسون أن يتلف الصور التي أخذها في ذلك الحين بما في ذلك السلبيات (أي النيجاتيف) . ثم قام شي بتكليف أحد ضباطه بالذهاب إلى لارسون للتأكد من أنه نفذ أوامره .
ومن حسن الحظ أن نسخة من الصورة الأصلية لتلك اللحظة التاريخية نفدت من الإعدام وهي محفوظة عند ابن لارسون واسمه ثيو المقيم في لندن . وكان قد ألف كتابا عن شبابه في القدس عنوانه "سبع جوازات لفلسطين". ومن الجدير بالذكرأن ثيو لارسن متزوج من باركلي ساندرز لارسن حفيدة هربرت أوليفيرالذي كانت ترتبط عائلته بصداقة مع فلورا وفريا ستارك. وأهمية ذلك تقع في كون قصة الإستسلام الكاملة كما هي مذكورة أعلاه مع بعض التصرف قد اقتبست جزئيا من كتاب من تأليف الكاتبة الأمريكية جين فلتشرجنيس عن حياة فريا ستارك التي كانت مستعربة مشهورة في سنوات ما بعد الحرب .
المصادر:
“Passionate Nomad: The Life of Freya Stark”, by Jane Fletcher Geniesse, Random House Editors, New York (1999), p.151; and the website “New Zealand History on-line”:
http://www.nzhistory.net.nz/media/photo/jerusalem-surrender-party.
http://www.jerusalemquarterly.org/ViewArticle.aspx?id=361